شاهدت ما يحدث في غزة، واستمعت إلي التعليقات والانطباعات والاقتراحات، فوجدت أننا مازلنا نتعامل مع الأمور بنفس المنهجية.. مشاعر حارة، دموع غزيرة، تنديد، شجب وإتهامات.
على الناحية الأخري، نظرت إلى العدو فوجدته لا يتكلم كثيرا، ولا تبدو عليه انفعالات. إنما يبدو عليه التركيز والجدية. إنه يعرف ما يريد. إنه يدرس عدوه بهدوء وبعمق، يحدد نقاط القوة والضعف.
ماذا قدمنا لغزة لأجل أن يعود النور؟! دعونا نعيد قراءة الأحداث..
غزة تتعرض لما يشبه الإبادة، بل هو إبادة. قتل، تدمير، دماء وأفعال شنعاء.. ثم ظلام دامس وعودة للعصر الحجري.
كل هذا على مرأي ومسمع من العالم..
الواقع أنه لا شئ يدهش فيما يحدث وهذا هو حال المسلمين فى معظم بقاع الأرض.
الواقع أنه مامن شئ جديد فيما يحدث، لا في المشاهد ولا في عدد القتلي ولا في الفعل ولا في رد الفعل.
ما هو المدهش ؟ الحكام !!؟ الذين لا حول لهم ولا قوة..
إنهم مساكين .
لم يعد في إمكانهم شئ، حتى الشجب والاستنكار صار غير مسموح.
لقد تم استئناسهم بمشهد الكشف عن أسنان صدام من قبل طبيب الجيش الأمريكي فآثروا السلامة وقرروا أنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وأنه ليس في الإمكان أفضل مما كان.
اليهود !!؟
إن ما يفعله اليهود اليوم لا يختلف قط عما فعلوه على مر التاريخ.
هؤلاء هم تماما. خيانة، نقض للعهود، قتل وتدمير وإغتصاب وحقد وكراهية.
ماذا ننتظر ممن قال أفضلهم لنبيهم: إذهب انت وربك فقاتلا ..
ممن عبدوا العجل.
ممن قالوا اجعل لنا إلها.
ممن قتلوا الأنبياء.
إن من ينتظر من اليهود خيرا إما جاهل أو غبي أو خائن. هؤلاء لا يمكن أن يأتي من وراءهم خير.
وهذا تاريخهم القديم والحديث طافح باستحالة أن يحفظوا عهدا أو يوفوا بوعد.
والله إن أي حديث عن السلام أو العهود أو المواثيق مع اليهود هو درب من الجنون.
هل الذى يدهش هو موقف الغرب !!؟ الذين يدافعون عن كل شئ وكل أحد، إلا الإسلام والمسلمين!
الذين تواطئوا لإبادة مسلمي البوسنة وكوسوفو ؟!
الذين فعلوا ما فعوه في أفغانستان والعراق ؟!
الذين يجبرون المسلمات على خلع الحجاب في أوربا ؟!
الذين رفضوا انضمام تركيا للإتحاد الأوربي لأنها مسلمة ؟!
الذين يساندون إسرائيل بلا تفكير ولا مناقشة ؟!
الذين يكرهون كل ما هو مسلم ؟!
أم الذى يدهش هو موقف الأمة !!؟
إن الأمة كررت نفسها بامتياز. مشاعر ملتهبة، ردود أفعال هوجاء لا أثر لها سوي تفريغ الطاقة والكبت.
إن الأمة تعيش انفصاما شخصيا وهى تحاول أن تحيا بأفكار غيرها، كرجل يحاول أن يكتب بيده اليسري التي لم يتعود أن يكتب بها لمجرد انه رأي رجلا آخركتب خطاً جيدا بهذه اليد مع أن هذا لا يناسبه شخصيا فجاءت الحروف مشوهه والكلام غير مفهوم.
إن هذه أمة ما سادت قط إلا لما عاشت تحت راية الشرع، وما ضاعت قط إلا لما أعطت ظهرها لهذا الشرع.
كلمة أقولها لعلي أعذر بها إلى الله..
لقد جربنا كل شئ أو أعطيت الفرصة لكل النظريات، ألا نجرب الإسلام.. ولن يكون هناك أسوأ مما نحن فيه
ماذا سنخسر لو جربنا الإسلام ؟َ!.
إن ما تحتاجه غزة واضح وسهل وبسيط. إنه نفس ما احتاجه بيت المقدس لما سقط في يد الصليبين. بل قبل ذلك هو ما احتاجه المسلمون فى بدر والخندق واليمامة والنهروان وذات الصوارى والقادسية.
إن أمتنا بينها وبين الإنتصارات عهود ومواثيق لكن بشروط.
الهزيمة الوحيدة فى العهد النبوى فى أحد، هزم جيش فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبب مخالفة. مخالفة واحدة هزمت جيشا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
غزة والعراق والشيشان وأفغانستان وسائر أوجاع الجسد المسلم تحتاج إلى وقفة مراجعة تاريخية على المستوى الفردى والجماعى، وقفة يتحمل فيها كل فرد من هذه الأمة مسئولياته تجاه نفسه وتجاه أمته.
وقفة جادة وشاملة.
ثورة شاملة على كل المخالفات.
تنمية فى كل المناحي.
على أن يكون شعار هذه الوقفة هو: لا صوت يعلو فوق صوت أمتى أمتى.
وقفة يكون شعارها الإتقان والتفانى. نهضة فى كل مناحى الحياة.
على كل فرد فى هذه الأمة أن يتعامل مع الوضع على أنه مسألة حياة أو موت له ولأسرته ولبلده ولأمته.
فليكن كل منا كمشجع الكرة الذى لا يأكل ولا يشرب لأجل أن فريقه نال هزيمة أوفقد لقبا، ويذهب خلف فريقه إلى قارة أخرى ليؤازره.
إن فى الدنيا أناسا ينتحرون لأجل نجمهم المفضل. وفى الدنيا أناس يضربون عن الطعام لأجل حيوان الباندا..
أمتى الحبيبة أفيقى، عودى لرشدك..
إن المظاهرات والإضرابات والصوت العالى لن يحقق لنا شيئا..
هلم نتحول إلى أمة محترمة.
هلم نتحول إلى أمة جادة.
هلم نستغنى عن أعدائنا، فلا نأكل إلا من عمل يدنا، ولا نشرب إلا من عمل يدنا، ولا نلبس إلا من عمل يدنا، ولا نركب إلا من عمل يدنا.
هلم نقدم لهم حقيقتنا..
هذا هو ما يمكن أن نساعد به غزة