****الرحيل****
*****
كلام كثير الذي قيل في رحيل الشاعرالكبير..... محمود درويش
ولكن هذا المقال للكاتب السعودي مسفر الغامدي ..
عبر عن الحاله بشكل كامل وواضح حيث قال في مقاله
بعنوان ...
وانتصب شاهد القبر!!!
في البدايه قيل: مات محمود درويش..
ثم على شاشة العربية ,قيل إنه في حاله حرجه,وفي
غيبوبه تامه .في تلك البرهة التي خففت الموت
الى غيبوبه,وحولت الغياب المطلق الى غياب جزئي..
في تلك اللحظه الحائره والقلقه,يمكن لك ان تفهم
بعمق ذلك البيت العظيم للمتنبي:
طوى الجزيرةَ حتى جاءني خبرٌ
فزِِعتُ فيه بآمالي إلى الكذب
لكنه محض أمل كاذب:الأجهزه فُصلتْ,والجسد
مسجي في انتظار العودة الأخيره الى الرحم الأول
."واعشق عمري لأني إذا مت اخجل من دمع أمي....."
أصبح على درويش أن يخجل ولأول مرة في حياته,لانه ترك أمه
لتبكي عليه...تركها بلا شعر تستطيع أن ترثيه به
لقد عقد حواراً وهدنه مع الموت لأكثر من عقد من الزمان,لكنه استسلم أخيراً...
فالموت لايحاور إلا لكي يعذب, ولا يؤجل حضوره إلالكي يكون أكثر مباغته وحدة!
لكن المؤلم في موته المفاجىء والمباغت(رغم عطب قلبه, وحجم الخسائر المتوالية)...
المؤلم أنه شكّل حالة رمزيه تجعل من موته علامةً:
وكأنه الموت كله...وكأنه الخراب كله!!
من فلسطين قلب الامة النازف منذ قرابة القرن من الزمان،
والتي استحال فيها الحال إلى مشهد غارق في البؤس والسوداوية،
(حيث يرتمي الفلسطيني في حضن الإسرائيلي هرباً من رصاصة اخيه الفلسطيني).
إلى العراق حيث-ومنذ سنوات- تجري أمريكا عملية قلب مفتوحة
على المزيد من الجثت والدمار والبغض والحقد....
إلى لبنان المختبر الذي يجري فيه العرب تجاربهم العقائديه,ويقيسون منسوب الطائفيه
والمذهبية باجهزتهم البالية والرثه....لبنان الحلبه التي يطوّرون فيها معاركهم الهزليه....
إلى السودان والصومال وموريتانيا,وكل رماد في كل بقعة عربية..
يختبىء تحته الكثير من الجمر...
في هذه اللحظة المأزومه,في قلب هذا الاعصار يموت محمود درويش......
كأنما نحن في قبر ,ولم يكن ينقصه إلا (شاهد)....موته هو هذا الشاهد....
الذي انتصب فجأة أمامنا ,ليقول لنا- ببساطه موجعة حد اليتم-إننا لانسكن الحياة,بل نسكن
الموت...إننا تحت التراب لافوقه.
رحم الله الشاعر المهموم واسكنه فسيح جنانه