كان الظلام محيطًا بها .. كانت هي بلا قيمة تذكر .. كانت هي مجرد جارية .. كانت مثلها مثل الجمادات ..
كانت هي فقط مقضى الشهوات ..
فيا ترى أهي خير كانت أم مثيلاتها من البهائم (أعزكم الله) ؟؟ ..
يا لبؤسها و شقائها .. أي حرمان كانت غارقة فيه ؟! ..
مستنقع من الظلم والجور كانت مجبرة بأن تعيش في خضمه ..
ولا تستطيع البوح أو الكلام عن ظلم و جور كانا يمتدان لأن ( تُقتل في مهدها ) ...
وذنبها الوحيد...
أنها ولدت ( أنثى ) في عهد كانت تُعَد فيه ( عار) تسودّ له الوجوه !...
ليجيء عهد ليس كغيره من العهود..
عهد استحال فيه الظلام إلى نورٍ سطع فهدى ..
والبؤس والشقاء .. انتهى عهدهم ، فهذا عهد السعادة ( مع الله ) ..
والحرمان فيه قد ( حٌرِم ) من أن ينال قلوبُا عمرها الإيمان ..
ومستنقعها ذاك .. تحول إلى مملكة بهرت القلوب وقرت بها الأبصار ..
قد جاء أخيرا ..
قد جاء ( هو ).. ليمسح عن عينها دمعتها ..
قد جاء ( هو ).. ليزيل ما تكدس في القلب من حسرتها ..
قد جاء ( هو).. ليخلع ثوب الجارية عنها..
قد جاء ( هو ) ..
فأعطاها عرشا .. وتوجها عليه ( ملكة ) ..!!
( هو ) كان ذلك الفارس الملثم .. فارس جاء يحمل الحق .. فارس جاء ليزيل الظلام ..
فارس جاء ليضعها الموضع الذي تستحق ..
جاء .. ليضعها موضع ( الملكة ) الثمينة الموقرة كــ ( الدر المكنون ) ..
هو ( الإسلام ) توجها ..
هو ( الإسلام ) أحياها ..
هو ( الإسلام ) ألبسها وشاح العز و الطهر ..
وبعدما كانت ( عدمًا ) .. صارت هي الآن .. ( ملكة متوجة ) ..!
و ما كان تاجها من ذهب ...
ولا عرشها من فضه ,,!
بل كان أثمن وأعظم ..
كان عرشًا من صالح الأعمال يعلوه ُ ..
تاج من وقارٍ .. ونورُ الإيمانِ زينه ُ..
ولكن من هي ؟؟
من هي تلك الملكة المتوجة ؟؟
أتعلمون من هي ...
هي ابنة الزهراء و سمية ..
هي من نذرت حياتها لله ..
هي من حملت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن دين الله فخرجت وجاهدت وصبرت وتحملت ..
هي من عملت وجاهدت لتنشر كتاب الله
بل هي من ضحت بنفسها وأبنائها .. وتركتهم يقلون في الزيت الحار.. لإعلاء كلمة ربها ..
هي من حباها الله تعالى بما ليس لأحد غيرها من العفة والطهر ..
هي من قال فيها أطهر البشر ( عليه الصلاة والسلام )
"رفقا بالقوارير"
هي الزوجة .. الصالحة التي صبرت وأعانت زوجها على البر و الطاعة ..
( الأمثلة هنا كثيرة .. ولنا في أمهات المؤمنين خير عبرة )
هي التي من لأجلها تُسحق الجماجم ..
وتًسكب الدماء . .
أتذكرونها ؟ .. صاحبة الصرخة الخالدة التي أثارت نخوة الرجال ..
( واامعتصماااه ! ) ..
فماذا كان بعد تلك الصرخة التي ما صدرت إلا من فاه ( ملكة ) ...!
من هي تلك الملكة؟
أترينها هناك .. بازغة شامخة وسط الملايين ..
بازغة..
بما في صدرها من قرآن محفوظ ..
بما في لسانها الذي اعتاد الذكر لا النميمة ..
بما في عينيها التي استحت أن ترى الحرام ..
بما في قدميها التي ما قادتها إلا للخير ..
بما في يديها التي جادت بقدر استطاعتها ..
هي تلك ... التي أبت إلا أن تصون نفسها بعفتها وحجابها ..
إنها والله لملكة متوجة ..!
من هي تلك الملكة المتوجة..؟؟
هي أنت .. ..!
هي أنت يا من بدينك تعتزين ..
ولأجله تبذلين ما تستطيعين ..
هي أنا .. وهي .. وتلك .. وهؤلاء .. هن كل من حملن ( الإسلام ) في قلوبهن ..
هن كلهن ملكات متوجات ..!
ومع هذا .. مالي أرى ملكات .. تنازلن عن عروشهن .. خلعن عنهن أوشحتهن ..
وتيجانهن .. هجرت قلوبهن بعد معاناتها من ( الوحشة ) ... ولا أدري متى ستعود !..
عجبا .. !!
مالي أنظر .. فأرى ( ملكة ) .. يبكي محرابها عليها .. !
ومصلاها صرخ شوقا إليها ..
ومصحفها .. تراكمت فوقه أطنان الغبار بعد هجرانها له ..
عجبا لها..!!!
استبدلت مملكتها .. بدنايا الدنيا !!
إذا ماذا تقولين في تلك التي باعت ملك الدنيا ..
لتشتري به ملك الآخره.. ( آسيا زوجة فرعون ) ..
عجبا أين هي القلوب المتدبرة ؟!
فمتى ستعودين إلى ملكك ..؟
متى .. ستعودين...
وستردين عرش طاعاتك ؟؟!
متى ستعودين .. ؟؟
لتنطقيها بملئ الفاه ...
ملكة أنا ... وتاجي الإيمان !!